دينا الغزولي وآمالها المتمثلة في قصيدة “الأحداث من ناحية أخرى”

دينا الغزولي وآمالها المتمثلة في قصيدة “الأحداث من ناحية أخرى”

عن قدرية الأشياء وسطوة الاحتمالات، انهمكت الشاعرة المصرية الشابة دينا الغزولي في كتابة قصيدتها النثرية “الأحداث من ناحية الأخرى”، التي تمثلت فيها الحضور في الجانب الآخر من الواقع الحقيقي، كوسيلة بارعة شديدة الفطنة للبوح بالآمال بعيدا عن المباشرة والسذاجة الفنية.

واستغرقت الشاعرة في الجانب العكسي الموازي للواقع لتبوح في لغة شعرية أنثوية راقية برغبتها في الحصول على شعور الحب، ولكنها بعد أن افترضت ذلك وقفت حيرى أمام ماهية الحب، فراحت مرة أخرى تعبر عن تصورها لعلامات هذا الشعور عن طريق الاحتمالات أيضا، حتى إذا ما أيقنت في عالم الاحتمالات أن فتاها يحبها حقا بعد تطابق تصورها للحب مع ممارساته، انتبهت أخيرا إلى أنها تعيش واقعا لا وجود لفتاها فيه وليس أمامها سوى أن تتمنى، وتطلق احتمالها الأخير فتقول “يُحتمل يا صديقي يُحتمل / أن نكون كالطريق في ابتلاع الآخرين”.

وصرحت الشاعرة دينا الغزولي إلى “عشرينات” بأنها تعمل الآن على تجهيز ديوانها الأول “تيه في نبضه لفظ” ليدخل في مراحل الطباعة والنشر، وهو يتناول في قصائده قدرة الشعر على المكاشفة بين الذات والآخر، من خلال رؤى الذات نفسها، ومن خلال كل الرؤى فالآخر هو كل ما غيرك.

وأوضحت الغزولي أن اختيارها للكتابة الإبداعية من خلال قصيدة النثر راجع إلى أنها تمنحها حرية في الكتابة، لا تحصل عليها في القصيدة الموزونة، كما أن قصيدة النثر تقبل ألفاظا حياتية يصعب على موسيقى القصيدة الموزونة تقبلها.

واستدركت الشاعرة الشابة أن ذلك لا يمنع أنها كتبت قصائد مموسقة من قبل، ولا تنكر ضرورة الإيقاع في الشعر، وكل ما في الأمر أنها وجدت ذاتها الشاعرة متسقة مع قصيدة النثر بشكل أكبر.

قصيدة “الأحداث من ناحية أخرى”

يُحتمل أن يكبرَ طفلي

في أحشائي دون ولادة.

وأن تنمو البراغيثُ فوق أذن الضبابِ

كما.. تغفو عينيك عن جرأتي المكمنة

داخل صوتي وتراتيلي..

عن عيني حين تموج في دهشتك

ويدي حين ترتعش عند ملمسٍ مسبقٍ لكَ

واهتزاز رموشي المسكينة كشرنقة تهافتت حولها الينابيع فهربت.!

كل هذا يُحتمل..

أن أحبكَ.. فأغفر لك تيهكَ المصطنع

أن أنام بين يديك في الحلمِ.. وأغسل وجهي بعَرَقِكَ صيفا

فابتلع ضوأك في الصباح كله.. لأقمر وحدي ليلا .!!

يُحتمل.. أن تصبو إليّ دون لوم آخرَ كل ليلة في الشتاء

وتُصلّي بين أكناف جسدي

كدرويشٍ حطم كل القواعد فأصبح

لا يرى شيئًا سواي

لا يعرف أحدًا سواي

لا يدرك غيري.!!

تُرهقك المسافات إن تطابقت مع طول فترة

ابتلاع المرَّ بمعدة مُقرَّحةٍ

فتنفي احتمال سقوط آخر نيزك في السماء

إلا بعد امتلاء ضميرنا بالعشق.

تُحبني.. تُحبني

كما تهدل الياسمين عبر ابتهال المساء

فترسلني كيمامة بيضاء أحمل طرف ورقة مفرغة من غير اسمكَ

ومليئة بالجنوح إليكَ..

يُحتمل يا صديقي يُحتمل

أن نكون كالطريق في ابتلاع الآخرين

كالمجانين السكارى..

لا يدركون سوى الأرض أنها تدور.. وتدور.. و..!!

 

هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات