“زيدان الزقزاق”.. رواية تفتش في أسباب صمت الضمائر الحية

“زيدان الزقزاق”.. رواية تفتش في أسباب صمت الضمائر الحية

زيدان وقمر نموذجان لكثير من الشباب والفتيات وحدتهم قسوة الظروف وباعدت بينهم صراعات المصالح في زمن صارت فيه صحوة الضمير عقوبة يحاسب عليها صاحبها.. صورة قاتمة لكنها مزيج بين الأسطورة والواقع في رواية “زيدان الزقزاق” لمؤلفها السوداني الشاب حسام الدين صالح، وتحكي عن مأساة حي مجهول في الخرطوم تجاهلته كل السلطات بما فيها السلطة الرابعة”الصحافة”، ظل يتعرض للمشاكل لأسباب عديدة من بينها الزقزقة التي يتميز بها سكان الحي تماما كالعصافير ويستعيضون بها عن السعادة.

وتروي فصول الرواية بين ثناياها قصة حب لم يكتمل بين (زيدان الزقزاق) الشاب الذي ينتمي لسلالة الزقازقة وهي جزء من مجموعة عرقية تعود أصولها إلى مناطق جبال النوبة بجنوب غربي السودان وبين محبوبته (قمر) الصحفية التي تسكن الخرطوم وتعود أصولها إلى الشمال.

 وعبر معمارها الفني المبني على خمسة عشر فصلا في 176 صفحة، تجيئ هذه الرواية الصادرة عن الدار العربية للعلوم وكأنها صفحات مفقودة من كتاب ألف ليلة وليلة، وتحكي برمزية تارة وواقعية تارة أخرى عن سكان حي أسطوري في مدينة أمدرمان يدعى “الزقزاق” وهو حي مجهول رغم أنه مأهول بسكانه، وزيدان بطل الرواية وهو  شخص مثقف وموظف سابق بوزارة الشؤون الاجتماعية لكنه يصطدم بأناس لهم مصالحهم في إسكاته، يسميهم الراوي بالجماعة طيلة فصول الرواية التي تبلغ 176 صفحة.

الأحداث المروعة التي يتعرض لها الحي الأمد رماني تضع زيدان الزقزاق في قدر الحب مع “قمر” التي تحاول مساعدته للخروج بالحي من مآزقه التي يتمثل أكبرها في عدم اعتراف السلطات به، بما فيها السلطة الرابعة الرواية التي تحاول أن تبحث في جزء من تاريخ وحاضر النوبة في السودان.

ويقول الكاتب: استفادت الرواية  من حكائية القصة القصيرة جدا في إغناء متنها الذي تلتقي فيه الكثير من الموضوعات كالحب والحرب والقبلية والعنصرية والحرية والاستبداد والآثار والسيادة الوطنية؛ وإن كانت شخصيات الرواية تبدو غريبة، إلا أن الواقع الذي يريد أن يحرمهم وجودهم يبدو أكثر غرابة في أحداث الرواية، في عالم بلا ضمير وجد أن أقسى عقوبة لأصحاب الضمير هي الصمت، وما الوسائل البشعة التي تمارس معهم إلا للوصول إلى منتهى أمنياتهم التي تضمن لهم البقاء واستغلال الناس: “صمت الضمائر الحية”.

كما تطرح  الرواية في نهاياتها أسئلة للاندماج الاجتماعي والتوافق الوطني  عبر شخصيات يجمعها الحب وتفرقها المشاكل.

ويشير صالح: تميزت الرواية بعناوين فصول شاعرية اللغة وهي طويلة نوعا ما وكأنها تقول: حتى الأشياء التي من المفترض أن تكون قصيرة، تطول في بلاد كأن لها حساب لانهائي في بنك الزمن، فمثلا تجد أحد الفصول باسم:” ما لا يمكن إخفاؤه أو حكايته همسا”، وآخر باسم:” ما يمكن إخفاؤه وحكايته كذبا”، وثالث باسم”ما يحكيه شهريار أو ما لا يروي عطشا” وهكذا على نفس المنوال، كأننا دوما نهرب من الأشياء التي أمامنا ونبحث عن بديل.

وتعد هذه الرواية الأولى للكاتب والصحفي السوداني حسام الدين صالح بعد مجموعته القصصية “المتدحرجون من الخرطوم” التي نشرت بالقاهرة في العام 2011م.

هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات