“محصنات” للبيع!

“محصنات” للبيع!

يتفاوض على تأجير جسد بناته بلغة تاجرِ واثقٍ من جودة السلعة التي يمتلكها..فالاستمتاع بعَرضه وشرفه لمدة أسبوع يُكلّف “الشاري” ألف دولار أمريكي .. الليلة بنحو 150 دولار، وريعُ الأجرة يُقسم كالآتي: 800 دولار  للإبنة الكريمة و200 دولار للأب المصون.  وسعر خاص لمن يريد الاستمتاع بالأخوات في ليلة واحدة.. الحلال يُفضّل ومرحبّ به لكنه ليس شرطاً، وعدم توفر العقد من أي نوعٍ كان شرعي، عرفي، أو ترفيهي لا يُعيق إتمام الصفقة.

هو تاجر بكلّ ما للكلمة من معنى فهو يبيع ويشتري، والبضاعة أجساد من حملن اسمه، يمتلك صفات التاجر الأصيل: الصدق والأمانة.. صادقٌ في تعاملاته مع الزبون من خلال توفير السلعة المطلوبة عند الوقت المحدد، وأمينٌ مع بناته عند تقسيم الغنائم وعند تصنيف الزبائن. لا يُكرهنّ على تمضية الليالي الحمراء ولكنه يُشجعهن على استدراج الأثرياء. يُحذرهنّ من الوقوع في خطيئة تصوير المقاطع الخلاعية على الأجهزة الخلوية أو شرب الخمور، والسبب أنهنّ “محصنات” بحجابٍ  يمنعهن من ذلك ..حجابٌ تبرأ الإسلام منه إلى يوم الدين..اللهم ما رحم وغفر ربّي!

هو لاجىء فقير  بمعايير  منظمات الإغاثة فرّ من استبداد النظام المُجاور، كاد أن يموتَ جوعاً أو قصفاً أو ذبحاً، ظهرَ  في تقرير  خاص بثته إحدى القنوات الفضائية وهو يُروّج السلع البشرية، في مفاوضات  مع صحافية متخفية جاءته، وفي جعبتها شهوة مزيفة لرجل ثري يرغب بـ “الوناسة”..

قد يبدو المشهد مألوفاً في زمنٍ لم يعد يتبين فيه الخيط الأبيض من الخيط الأسود بين الحلال والحرام.. وحيث أصبحت لقمة العيش أغلى ثمناً من الروح، واللجوء من الحروب أضحى حُجة إنسانية لإرتكاب الجرائم بحق الإنسانية نفسها.

لم اُستفزّ من السمّ الذي كان ينبعث من دخان سيجارته- رغم علاقتي العدائية مع التدخين- ولم اُذهل من طبيعة المفاوضات التي كانت تُساوم على الحلال والحرام بهدف التوصل إلى تسوية بين الوسيط والبائع. نعم، لا مجال للاستفزاز ولا للذهول أمام هذا المشهد، فتجارة الرقيق وإحضار الغنائم والسبايا ليست بظاهرة جديدة على المجتمعات العربية، إذ لطالما صدحت الدعوات بـ”جعل نساء العدو غنيمة لنا”.

ها قد مرّ على اصطياد الغنائم قرون، وما تزال ليالي “القوارير” تعبق بالدماء وبالدموع في كل الفصول..فيما يحتفل الطغاة بزوال حُكم ديكتاتوري وتنصيب حُكم ربيعي..بينما يسري سمّ الهوان الاجتماعي والأُسري في خلايانا. ويبدو أنه سمٌ من النوع البطىء المميت والمثالي لقتل العقول والنفوس.

سمٌ  لا لون له ولا رائحة له، لا يُمكن فكّ أسرار مواده الكيميائية المميتة، فهو من نوعٍ ممتاز  نتجرعه دون ألمٍ أو وجعٍ أو تأنيبٍ للضمير، سمّ قادر على تغيير وجه الحضارة الإسلامية.. يخلّف خلفه جثث مسمومة تقُتل فيها الروح يومياً في العراق وتونس وليبيا وسوريا.. سم مداواته تكمن في القضاء على الجهل..وليس في تخصيب التربة لنباتات برية متطرفة لن تعيش في النور يوماً..فموطنها كهوف مظلمة لا تقل ظلامية عن أبٍ استعبدته لقمة العيش!.

 

هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات