يتواجد التعصب في كل مجتمع بالعالم، وتختلف أنواعه ما بين عرقي وديني وجنسي إلى جانب التعصب الرياضي وهو الأشهر من بينها، وغالبا ما يرتبط التعصب بنطاق محدود كأن يكون داخل دولة أو مدينة، لكن أن يتصف بالعالمية فهذا هو الشيء النادر الحدوث باستثناء الديني الذي لا يرتبط غالبا بمكان ولا زمان، أما النوع الجديد والذي بدأ يشكل ظاهرة فهو “التعصب التقني” الذي يجتاح أوساط المهتمين بالتقنية.
وكما هو التعصب لفريق يمارس لعبة كرة القدم والذي يتصف في الغالب بـ”الأعمى”، فهناك أيضا التعصب لفرق من نوع آخر والذي يخص شركات التكنولوجيا المختلفة سواء المنتجة للأجهزة “Hardware” أو البرمجيات “Software”، إلى جانب التعصب إلى برامج بعينها أو بأنواعها حسب التصنيف، ولعل أشهر الأمثلة على ذلك هو تفضيل البعض للبرامج مفتوحة المصدر ” Open Source ” في مقابل آخرين يتحمسون إلى التجارية ومغلقة المصدر، والنوع الآخر هم المتحمسون لشركة مايكروسوفت العريقة في وجه كل من يفضل غريمتها التقليدية شركة آبل إلى جانب مؤيدي الأنظمة والبرمجيات مفتوحة المصدر وغيرهم.
مفتوح المصدر والتجاري
ويعد المجال الأوسع انتشارا والأكثر خصوبة لتنامي التعصب التقني هو التحيز لتصنيف البرمجيات حسب أنواعها من مفتوحة المصدر ومغلقة، خاصة التحيز للمجاني منها على حساب التجاري والذي يكون غالبا ذو أسعار مرتفعة، ويشهد الوقت الحالي تزايد الآراء الداعية إلى الاستغناء عن البرامج مغلقة المصدر تماما وعلى رأسها نظام التشغيل “ويندوز” صاحب الشعبية الأكبر عالميا حيث يحتل بما قارب من 90% من أجهزة الكمبيوتر في العالم.
ومبررات أصحاب هذا الاتجاه هو البحث أولا عن البدائل المجانية التي لا تقل قوة عن الأخرى التجارية إن لم تزد عنها، ويشمل هذا الرأي الانتقال أولا إلى نظام تشغيل مفتوح المصدر مثل “لينكس” بغض النظر عن التوزيعة التي يفضلها المستخدم أو بكونها مجانية أم تجارية حيث أن الحالات التي تكون فيها تلك البرامج بمقابل مادي نادرة، كما أنها تكون رخيصة الثمن مقارنة بغيرها إضافة إلى إتاحة نسخها إلى عدد لانهائي بدون أي مخالفة قانونية على عكس البرامج والأنظمة مغلقة المصدر، ولهذا فإن دعاة وأنصار البرامج مفتوحة المصدر يرون فيها خير بديل للانتصار على الاحتكار وجشع الشركات – في رأيهم – التي تحتكر إنتاج البرامج الأكثر استخداما، والتي ساهمت عمليات القرصنة في انتشارها لا لكونها فقط جيدة.
ومن الناحية الأمنية فإن دعاة “الأوبن سورز” يستندون إلى وقائع الإحصاءات المتداولة باستمرار والتي تشير إلى أنه لا مقارنة بين الاختراقات التي يتعرض لها نظام “ويندوز” مقارنة بالأنظمة الأخرى مثل “ماك” و”لينكس” حيث يتعرض الأول إلى نسبة قد تصل إلى 1000% مما قد يتعرض له الآخرين، ولذلك يرون أنه لا داعي لتحمل هذه المخاطر في سبيل نظام لا يقدم جديدا لمستخدميه سوى انتشاره، بينما يرى أصحاب الرأي المغاير أن هذه نقطة تحسب له لا عليه، فعندما يكون الأكثر استهدافا فهو الأكثر أداء وأهمية من غيره.
ويشتد الجدل والنقاش بل والتراشق بالجمل على كثير من المواقع الاليكترونية والمنتديات عندما يتداول أي خبر جديد يصب في صالح أي طرف منهما، فمؤيدي “الأوبن سورز” ربما يبدون أكثر عقلانية من غيرهم عند صياغة وتوضيح وجهة نظرهم تجاه الأنظمة المفتوحة وبرامجها، لكنهم غالبا ينظرون بعين الشك والريبة نحو أي خطوة تقدم عليها الشركات التي يسمونها بـ”الاحتكارية”، فمايكروسوفت دائما –في نظرهم- تضطهد توزيعات “لينكس” المختلفة، وهى أيضا تقوم بمحاربة البرامج مفتوحة المصدر فيما يخصها كعدم استطاعة مستخدمي متصفح “فايرفوكس” مثلا أن يستخدموا كافة خيارات بريد “هوتميل” الاليكتروني التابع لها، على الجانب الآخر يلعب تاريخ مايكروسوفت دورا في الرد على الفريق الأول من قِبل أنصارها، فالإنسانية –كما يذكرون- مدينة لتلك الشركة ومؤسسها “بيل جيتس” باجتياح الكمبيوتر إلى العالم وإمكانية استخدامه من قبل جميع الأشخاص مهما كانت مستوياتهم التعليمية والثقافية.
التهام البطريق لـ ويندوز
ومن منظور خيري في المقام الأول يعمل دعاة “الأوبن سورز” على نشر وجهة نظرهم بهدف إيجاد بدائل مجانية للبرمجيات التجارية إلى المستخدمين بدءا من نظام التشغيل وحتى جميع البرامج التي قد يحتاجها المستخدم حتى يصلوا في نهاية المطاف إلى هدف مهم وهو توفير المقابل المادي (الباهظ بالإجمالية) للمستخدم أو على الأقل التوضيح بمدى عدم مشروعية استخدام البرامج المقرصنة (النسخ الغير شرعية من البرامج التجارية)، وعلى الجانب الآخر يؤمن أنصار البرامج التجارية بمبدأ “الغالي ثمنه فيه” أن المستخدم لن يحصل على الكفاءة والأداء الموجود بالبرامج التجارية مهما تفوقت الأخرى المجانية.
وقد وصل مدى هذا التعصب للتصنيفين إلى اتخاذ وسائل متعددة للتعبير، واعتمد المتحيزون للـ”الأوبن سورز” على الصور الكاريكاتورية في السخرية من نظام ويندوز بعدد من الأفكار التي يكون البطل فيها دائما شخصية “البطريق” التي يتخذها نظام “لينكس” شعارا له، حيث يصوره هؤلاء أحيانا بأنه يلتهم ويندوز وأخرى يهزمه في مباراة أو يطلق عليه النار أو يرشقه بالنبلة في إشارة إلى ضعف ويندوز مقابل “لينكس”، هذا إلى جانب عمل أفلام كارتونية قصيرة تسخر من ويندوز وغيرها.
محمد غانم
هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات
الوسومآبل الأوبن سورز التعصب التقني برامج مغلقة المصدر برامج مفتوحة المصدر لينكس مايكروسوفت ويندوز