الفن الجيد هو نتاج المجتمع، يتخذ من الرقي والتحضر منهاجا له، ولا يلتفت إلى دعوات الهدم أو التعطيل، والمسرح خير من يعلي قيم الفنون ويصر على ممارستها في محاولة للوقوف على أوجاع الناس من خلال عين الفنان وكاميرا الخشبة الراصدة، ومسرحية “كاسك يا وطن” ترجمة حقيقية لهذا المفهوم من حيث إنها تندرج ضمن الأعمال المسرحية التي تتخذ من الكوميديا واللغة البسيطة الساخرة مدخلا عميق لمشكلات المجتمع وأوجاعه ومآسيه، وهي تمصير لرائعة الكاتب السوري الراحل محمد الماغوط “كاسك ياوطن” النسخة الأولى والأصلية للمسرحية التي مثلها الفنان السوري دريد لحام عام 1979.
والمسرحية بطولة شباب مصري سوري متحمس من المسرحيين وهم طلاب الفرقة الثالثة بمعهد الفنون المسرحية بالقاهرة، وقاموا بتحويل مشروع الدراسة بالمعهد إلى عرض مسرحي لاقى إقبالا كبيرا على المستويين النقدي والجماهيري من بينهم الفنانة السورية الشابة احلام ،علاء حور، هاجر جاد، محمد الاباصيري، ورضوي عادل .
تنتمي المسرحية التي قام بتمصيرها عادل أنور، وكتب اشعارها أيمن بهجت قمر، وأخرجها الفنان أشرف زكي لنوعية الكوميديا السياسية، التي تنتقد الأوضاع الحالية في قالب كوميدي به العديد من الإسقاطات على المرحلة التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن ويناقش العرض، وهو عرض مكتمل دارت حوله حلقة نقاشية وحضره جمهور كبير، حفنة من المشكلات الاجتماعية والسلبيات في إطار فانتازي ساخر كأزمة الوساطة والفساد الإعلامي والقيمي.
وتميز العرض الذي قدم علي مسرح معهد الفنون المسرحية بتشخيص عدد من الاسكتشات من خلال تداول الأدوار بين الممثلين حيث قام كل ممثل بأكثر من شخصية مثل دور أم أحمد الذي جسدته الفنانة السورية الشابة أحلام وهي زوجة المواطن المطحون الذي لا يجد قوت يومه وتنفجر الكوميديا من داخل مأساوية الحكاية، لتتحول إلى شخصية جديدة تقلد فيها المطربة الخليجية أحلام في برنامج المسابقات (أراب أيدول) في إشارة الي انتشار ظاهرة برامج المسابقات الفنية.
أما المشهد التركي فلاقى استحسانا كبيرا من الجمهور وقام بدور مهند في مسلسل “نور” الممثل الشاب علاء حور، وجسدت دور نور الممثلة هاجر جاد، كما قامت بدور مذيعة في برامج الهواة وكذلك دور متسابقة مغربية أمام لجنة تحكيم مسابقة من المسابقات الفنية المشهورة على الفضائيات وسمي البرنامج “محبوب العرب”. كما قدم العرض عدة رسائل رمزية كأزمة حصار مدينة الإنتاج الإعلامي في أغنية “أبو إسماعين” والإعلام الفاسد المضلل في برنامج “الرجالة ميعرفوش يكذبوا”، وأزمة الواسطة في الحصول على وظيفة بالمصالح الحكومية.
وساهمت “السينوغرافيا” بدورها في التأكيد على مضمون العرض حيث توسط المسرح شاشة عرض كبيرة خلفها مجموعة من الألوان المختلفة وخريطة للوطن العربي في دلالة إلي أهمية أن يتوحد العرب في مواجهة الأخطار التي تحاصرهم.
محمد الاباصيري بطل العرض أشار إلى أن التجربة متميزة معبرا عن فخره بصياغة الدعوة إلى المسرحية والتي كانت مجرد مشروع في المعهد مشروع حلم التخرج بشكل جديد يشارك فيه الجمهور وفي ذات الوقت يلفت الأنظار الى أن هناك طاقات لشباب من المسرحين تستحق أن يلتفت إليها ثم تحولت إلى عرض مسرحي حضره كتاب ونقاد وصار له جمهور حقيقي.
وتقول رضوي عادل :لم يكن يخرج العرض إلى النور بدون جهد الفنان الكبير الدكتور أشرف زكي الأستاذ بالمعهد ومخرج العرض الذي وقف إلى جانبنا ودعمنا كل الدعم وزرع بداخلنا الحلم ونصحنا أن نتعامل كفرقة فنية راسخة المعالم.
الفنانة السورية احلام قالت إن العرض سيقدم مرة أخرى خلال الأيام القليلة القادمة بعد انتهاء امتحانات الفصل الدراسي الثاني مشيرة إلي أن الإعلام المصري قد احتفى بالعرض وقدمه للجمهور كتجربة رائدة لشباب من المسرحيين الراغبين في ايصال رسالة مسرحية هادفة.
وقالت هالة سرور، إحدى أبطال العمل إن المسرحية سلطت الضوء على الأداء السيئ لبعض مقدمي برامج التوك شو خلال رصدها للأحداث الجارية فى الشارع فى الفترة الأخيرة، لافتة إلى أن هناك قصد من تسمية فقرة (التوك شو) تحت عنوان “الرجالة ما بيعرفوش يكدبوا”.وكذلك محبوب العرب.
زينب عيسى
هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات
الوسومأراب أيدول أشرف زكي دريد لحام فانتازيا كاسك ياوطن محمد الماغوط مسرحية