عائشة معلم ..  صومالية تكافح  بـ” المال ” والتعليم “

عائشة معلم .. صومالية تكافح بـ” المال ” والتعليم “

لم تكن المرأة في الصومال رائدةً في المجال الخيري بل كانت  تمد يد العون للهيئات الخيرية ؛ حتى تأسست هيئة ( بهدا ) الخيرية النسائية في مقديشو في غضون عام 2002 ، على يد عائشة معلم كمحاولة لإعطاء الأولوية للمرأة الصومالية التي تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة في مقديشو لمدة عقدين من الزمن .

تقول ” عائشة معلم أحمد ” رئيسة هيئة ( بهدا ) الخيرية النسائية : إن فكرة تأسيس هذه الهيئة الخيرية انطلقت بعد تدني المستوى المعيشي والتعليمي لأطفال مقديشو ، وخاصة أولئك الذين يتسولون طرقات مقديشو ،والذين لم يجدوا فرص التعليم كغيرهم من الأطفال المحظوظين الذين حصلوا على فرص تعليمية في الصومال ، رغم الصعاب الذي تمر البلاد فيه .

وتضيف قائلة : كنت أتعاطف مع أطفال الشوارع الذين لاتقدر أمهاتهم وأقاربهم لضمهم إلى المدارس التعليمية في مقديشو ، لأن الوالد لايستطيع جمع أمرين في آن واحد ، توفير لقمة عيشهم ، وفرص التعليم التى تتطلب أثماناً باهظة في الصومال بالنسبة للفقراء والمحتاجين … كنت أشعر بحزن شديد عندما أذهب إلى المدرسة الاعدادية في صغري ، وأرى أطفالاً يقفون في الطرقات ، وخارج أسوار المدارس التعليمية.

البداية الفعلية

ولم تقم للهيئة الخيرية النسانية في الوهلة قائمة لها ، بل كانت عائشة معلم ـ بحسب قولها ـ تحاول جمع قدر من المال من قبل الهيئات الخيرية العربية التى لها مكاتب في مقديشو ، ورغم كل الجهود إلا أنها لم تتمكن في بداية الأمر اقامة مشاريع خيرية ، كما أنها لم تستطع ترجمة جهودها إلى أفعال ملموسة بسبب قلة الإمكانيات المادية وضآلة القدرات لتحقيق أمالها وحلمها المنشود .

وفي عام 2007 حققت هيئة ( بهدا ) الخيرية نجاحاً باهراً ، إذا أصبحت الهيئة تضم عدداً كبيراً من البنات الصوماليات اللواتي تخرجن من مدراس الثانويات في مقديشو،وبدأن في جمع التبرعات المالية من قبل زميلاتهن داخل المؤسسات التعليمية العليا ، إلى جانب زيارة المكاتب الخيرية للهيئات العربية في مقديشو ،للحصول على مشاريع خيرية يتم تنفيذها من قبل هيئة ( بهدا )  بالتعاون مع الهيئات العربية الأخرى.

وتقول عائشة معلم أن زميلاتها العاملات معها في الهيئة يقمن بجمع المتضررات الصوماليات واللواتي يعشن حياة النزوح في مقديشو ، وتقوم هي أيضاً بتسجيل المحتاجين الصوماليين  من الأحياء السكنية في العاصمة ، وتجري في بعض الأحيان زيارات لبعض الأسر الصومالية للتعرف على حقيقة واقع حياة هذه الأسرة  دون وسيط.

انجازات عظيمة

وبعد ردح من الزمن من السعى الحثيث وراء تحقيق أحلامها التى ظلت عالقة على أذهانها ، تكللت جهود عائشة في نهاية الأمر بالنجاح ؛حيث نظمت في بداية الأمر ندوة لتثقيف البنات الصوماليات حول دورها في المجتمع الصومالي في مقديشو .

وشارك في الندوة التى خصصت للمرأة الصومالية قرابة 80 امرأة ، باختلاف مستواهم التعليمي والثقافي، والتي استغرقت يوماً كاملاً ، لابراز دور الأمهات الصوماليات في المجتمع .

ولم يقتصر جهد عائشة معلم على تنظيم هذه الندوة  فحسب ، بل قامت هيئة ( بهدا ) التى ترأسها ، بإنشاء عربات تجارية للصوماليات ، لبيع الخضار والفواكه ، ومختلف البضائع الأخرى لكي يكفن عن التسول والسؤال ، وهذا المشروع الخيري من هذا القبيل لم يكن موجوداً في الساحة من قَبل ، وهو ماينطبق على المثل الصيني القائل ” لاتعطينى ( السمكة ) بل علمنى كيف أصطادها!).

وتتابع عائشة : نطلب أحيانأً من قبل المدارس الأساسية في مقديشو بأن يوفروا لنا منحاً دراسية تعليمية، لكي نعطي هذه المنح لأشد المحتاجين إلى التعليم ، وهذا الأمر حظى استقبالاً  واسعاً من قبل المسؤولين في المدارس التى زرناها .

العاملات في هذه الهيئة وهبن وقتاً ثميناً لمساعدة المجتمع الصومالي ، وهو أمر لقي ترحيباً من قبل الصوماليين ، وأمر يشد انتباه الهيئات الخيرية ، إذ كانت الساحة خالية في السابق للرجال فقط ، فاصبحت المرأة اليوم تزاحمه في العمل الخيري وتقف جنباً إلى جنب مع الرجل لخدمة الصوماليين المتضررين .

وفي 18 من فبراير الجاري قامت هيئة ( بهدا ) الخيرية بتوزيع أغذية وكسوة لـلمتضررات الصوماليات في مقر الهيئة بمقديشو .وكانت الأمهات الصوماليات اللواتي استفذن من المشروع ترتسم على وجوههن معانات الحياة وقسوتها .

وتقول رئيسة الهيئة ” عائشة أحمد معلم ” ” شعرت أن هناك حاجة ماسة لمساعدة أمهاتنا الصوماليات ،ولايجدر بي أن تكون لدي فستانين ، وأم صومالية تقف في الطريق وهي عارية ، وبهذا قمنا بمساعدة أمهاتنا الصوماليات .

وتمثلت المساعدات التى تم توزيعها للمتضررين في مختلف الأغذية ، من الأرز والقمح والسكر والتى كانت معبأة في أكياس ، اضافة إلى توزيع كسوة للصوماليات .

وتعطي الهيئة الخيرية النسائية اهتمامها للمرأة الصومالية والطفل ، وهما العمود الفقري لكل المجتمعات ، حيث أن هناك اهمالاً كبيراً بحق المرأة الصومالية من قِبل الهيئات الخيرية والمحلية ، وتستشهد عائشة معلم في قولها:  إن شركات الاتصال في مقديشو لم تفسح المجال للصوماليات من حيث فرص التعليم والعمل .

وعلى الرغم من صغر حجم هيئتها الخيرية النسائية إلا أن أحلام ” عائشة معلم ”  الوردية هي التى تجعلها تفوق كل الصعاب والعقبات ، لتحوّل أمنياتها وأمالها إلى أفعال ملموسة تجدي نفعاً للمجتمع الصومالي عموماً وبشكل خاص للأم الصومالية .

شافعي محمد  – مقديشو

 

هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات