مُشاهد يسرد للتاريخ مَشاهد

مُشاهد يسرد للتاريخ مَشاهد

كان صباحه عادي ..فقد أوقظ على صوت المنبه, لم ينهض مباشرة من على فراشه الوثير كما هي العادة ..مد يده إلى أسفل السرير باحثاً عن هاتفه الذي سقط منه البارحة عندما أتاه “النوم” بغتة ليقرأ النكات أو أن فضولاً يدفعه لمعرفة كيف كانت صباحات الآخرين.

ما إن أمسك العالم أجمع في تلك القطعة التي ستصله بأشخاصٍ يبعدون عنه الآف الكيلومترات، كان دافع الفضول عنده قد غلب أي دافعٍ آخر فقرر أن يشنف أذنيه بالاستماع لتغريدات الطيور الحرة في حديقة يسمونها “تويتر”.

هي لحظات خلال تجوله في تلك الحديقة حتى اصطدم بشجرة عملاقة نقلته من صباح الدوحة-قطر إلى صباح حمص-سوريا في مسافة تتجاوز الألفي كيلومتر، تلك الشجرة كان اسمها  ‎#HomsAttack‏ !

كان صباحه غير عادي ..فقد أوقظ على صوت قذائف الهاون، نهض مباشرة من على سريره كما هي العادة ..للاستزادة السرير كان لابن عمه ولا نريد أن ندخل في تفاصيل ما حصل لابن عمه فالشيطان يدخل في التفاصيل والفتنة نائمة ولا نريد أن نكون ملعونين.

عفواً أخطأت في رواية أحد التفاصيل المهمة ..هو لم يستيقظ على صوت قذائف الهاون، فقد أصبحت هذه الأصوات كتغاريد الطيور في صباحاتنا !

عفواً مرةً أخرى على تشتيت انتباهك, لنعود إلى صباح حمص ..عندما فتح عينيه في ذاك الصباح سرقت حاسة الشم الأضواء من كل الحواس بما فيها النظر،  كانت رائحة مميزة ..خليط من البارود والدماء العطرة، يقال بأنها رائحة النصر وفي راوية أخرى رائحة الثأر !

مع مرور الوقت بدأت تغيب حاسة الشم تدريجيا, أصوات لصدى يسمع رغم أنه يمشي وسط الأرامل والأيتام بحثاً عن الأحياء, ولا نعلم عن أي أحياء تبحث في مثل هذه اللحظات فالجميع سلبت أرواحهم بشكل أو بآخر ..لم يجد تفسيراً لأصوات الصدى ولكنها كانت في أغلبها أصوات تكبيرات والكثير من التكرار للعبارة الأشهر في الأرض المباركة .. مالنا إلا الله !

هي ثوانٍ معدودة ثم زيّن له الشيطان -والعياذ بالله- أن يرى ردود الفعل العربية ولكنه تراجع فمنذ ستون عاماً والدماء تسيل ولا يرى سوى عبارات الشجب والاستنكار, هي هذه العبارات جعلتنا نردد:هلا بالصمت دام الصمت ما يجرح مشاعرنا.

تفهم الوضع في العموم, تفهم طبيعة العلاقة التاريخية التي تربط “العرب” و “العبارات” ببعضهما البعض والتي تتجاوز الالتقاء في ثلاثة أحرف, فقال : يا رب العرب والغرب .. يا رب العرب والغرب .. يسّر لنا الدرب !

انتهت القصة في حمص .. كانت قصة خيالية كما يرى من يؤمن بنظرية المؤامرة, قصة خيالية كانت نهايتها ما يتجاوز الثلاثمائة شهيد.

قرأ البعض الفاتحة على أرواح الشهداء والبعض اختار أن يقف دقيقة صمت ..أما قادة العالم اختاروا أن يقفوا صامتين لشهور ضد أرواح الشهداء.

عفواً للمرة الثالثة .. هي ها هنا ثابتة ولكن لدى الجامعة العربية (*****) !

أدرَكَ أن القصة لم تنتهي بعد عندما مر بجانب حائط في حي الخالدية كتب عليه باللون الأحمر :

أنا إنسان .. معرضٌ للنسيان

عروبتي تعني زيادة كربتي

أنا بطلٌ اكتب للتاريخ بدمي

والصمت عارٌ على ابن عمي العربي

أنا حمصي !

هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات