أنا شهيرة.. أنا الخائن.. رصد لخلجات الذات في مواجهة العالم..  ثنائية روائية لنور عبد المجيد

أنا شهيرة.. أنا الخائن.. رصد لخلجات الذات في مواجهة العالم.. ثنائية روائية لنور عبد المجيد

تيمة الخيانة تشكل محورا رئيسيا في كثير من الأعمال الأدبية، وهو مفهوم واسع لا يقتصر على الخيانة بمعناها الشائع بين رجل وامرأة، بيد أنها قماشة فضفاضة ينسج منها الكاتب مئات الأفكار والتوليفات التي تصلح أن تتحول إلى عمل من دم ولحم وشخوص تتحرك وتتفاعل مع الحياة سواء مجسدا على الشاشة أو في رواية تذهب بالقارئ إلى عوالم من الدهشة داخل أحداث متلاحقة، وهي غالبا ترتبط براوٍ للأحداث لإصباغها بنوع من التشويق وهي فكرة استمدت شهرتها من الأعمال الروائية العالمية.

رواية ” أنا شهيرة ” و”أنا الخائن” للكاتبة الشابة نور عبد المجيد تنضم إلى تلك الفئة من الأعمال التي تدور على لسان أبطالها حيث تدور الرواية على لسان البطلين فتحكي شهيرة حكايتها كما عاشتها، ويحكى رؤوف في ” أنا الخائن” حكايته كما جرت معه، وهو يمثل الوجه الآخر لشهيرة أو الطرف الثاني في العلاقة.

والرواية الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية تتكون من جزءين تغوص فيهما عبد المجيد مجدداً في خفايا النفس البشرية راصدة لحظات انتصارها وانكسارها، فرحها بالحب وفزعها من الخيانة. وفنياً نور عبد المجيد لديها قدرة هائلة على تكثيف الفكرة واكتشاف الجديد دائماً، فضلاً عن غرامها بالغوص الملح في النفس البشرية محاولة لاكتشافه.

وتشكل تيمة الخيانة بطلا رئيسيا في هذه الحكاية بجزءيها وهي تيمة فنية عند نور عبد المجيد، فهي دائماً ما ترمي من خلال تناولها إلى الوقوف على دوافع النفس البشرية وإحساسها الوجودي الضاغط، ومن خلالها تستخرج المناطق المظلمة في الروح وتعرضها للضوء حتى تتطهر. وتذكرنا تيمة الخيانة هنا برواية أخرى لنور عبد المجيد هي “أريد رجلاً”.

وتقول نور عبد المجيد عن موضوع الرواية: تيمة “الخيانة” تعتبر مدخلاً نفسياً للعمل، واستعارة عبرت من خلالها عن قوة إرادة المرأة، ونضالها من أجل الوجود المستقل، فلا تستجيب للعادات والتقاليد، ولا تقبل بالذل والمهانة، أو بدور التابع غير الفاعل في العلاقة الإنسانية، حتى إن شهيرة تصل إلى ذروة الانتقام بأن تقرر خيانة من خانها.

وتبدأ الثنائية بخطاب من بطلة الرواية “شهيرة ” ترسله إلى الكاتبة تحكي فيه حكايتها، وتصف فيه نفسها، ثم تسير الرواية بعد ذلك في طريقة السرد المستقيم زمنياً، مع تعدد الحكايات الفرعية التي تغني الموضوع وتظهر الجانب الخفي منه، والاستقامة الزمنية دائماً ما تركز على الزمن النفسي، ورصد خلجات الذات في مواجهة العالم وفي مواجهة النفس والأعراف بلحظات الضعف والوقوع في الخطأ بوعي للانتقام أو للضعف البشري الذي هو جزء من التكوين النفسي للأبطال لدى نور عبد المجيد التي تنسج خيوط شخصياتها ببراعة وصبر.

ولدى نور عبد المجيد عادةٌ تصر عليها في أغلب رواياتها فتبدأها بإهداءين، تحاول فيهما منح القارئ مفتاح فهم شخصياتها وهذا الجزء من هذه الثنائية لم يخرج عن هذه العادة فجاء إهداؤه الأول إلى ” نور وكريم… إلى من علمتهما الحب والصدق والحنان، ولا أعلم هل يغفران لي عندما يدركان أنها ذنوب وخطايا لا تغتفر”.

والإهداء الثاني يمثل جزءاً من الرواية وتقول فيه “إلى شرفة مهجورة تئن في القلب.. يعبرون ويعزفون الألحان كثيراً، لكن ما استحق سكناكِ أحد بعد”.

أما الجزء الثاني من هذه الثنائية يمثل الوجه الآخر لحكاية شهيرة، أو الطرف الثاني الذي خان والذي تمت خيانته، وكيف وقع هو في الخيانة، وكيف استقبلت “شهيرة ” اعترافه، وتتركه الرواية معلقاً في براثن العذاب، بعد أن قامت هي برد خيانته، بوعي وبدافع الانتقام والثأر للكرامة الشخصية، لكن الأمر كان مريراً على كليهما، وفي تفاصيل هذه الرواية الثنائية أو ذات الوجهين نطالع عوالم كثيرة ذاتية وجمالية أقرب إلى الملحمة الإنسانية الكبيرة، وكيف يقع البطل في لحظة الاعتراف تحت ضغط الضمير.

ونور عبد المجيد روائية وكاتبة صحفية عملت بالصحافة الخليجية عدة سنوات، وصدر لها من قبل: “وعادت سندريلا حافية القدمين” ديوان شعر، وروايات مثل “الحرمان الكبير” و “نساء ولكن” و “رغم الفراق” و “أريد رجلاً” و “أحلام ممنوعة “.

هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات