” العقل السليم في الجسم السليم” .. ثم ماذا ؟!!

” العقل السليم في الجسم السليم” .. ثم ماذا ؟!!

حفظنا من الصغر مقولة ” العقل السليم في الجسم السليم” وعندما كبرنا أدركت ان المقولة تحتاج تكملة بأن ” ذلك العقل السليم يحتاج الى اسلوب سليم لإنتاج فكر سليم “.

قد يتساءل البعض: مالفرق بيننا وبين دول الغرب وأقصى الشرق الذين بهرونا باختراعاتهم وتقنياتهم؟؟ هل خلقهم الله أذكى عقلا منا؟؟

قطعا من يعتقد بذلك  فهو أحمق، فقد خلقنا الله جميعا من نفس المادة ولم يفضل في الخِلقة قوما على قوم، فلا يوجد شعب أذكى من شعب ولكن يوجد شعب يقدر التفكير ويمارسه ممارسة منهجية وأصبح التفكير عنده قيمة وحق متأصل في المجتمع، وشعب ليس عنده من ذلك شيء.

الذي يمتلك عقلا ذكيا ولكن لا يستخدم أسلوبا صحيحا وطرقا منهجية في التفكير هو تماما كالذي يمتلك أرقى أنواع السيارات وأحدثها لكنه لايجيد قيادة تلك السيارة فذلك شخص لن يصل لمبتغاه بل سيظل يتخبط في قيادتها، فالقضية اذا ليست قضية من هو أذكى بل هي قضية كيفية ممارسة التفكير وكيفية تطويره وتقديره قبل ذلك، أزعم أن تلك هي مشكلة مجتمعاتنا العربية.

لنأخذ مثالا مصغرا على مستوى الأسرة ولنسأل: كم رب أسرة يجمع أبناءه لمناقشتهم في مختلف أمور الاسرة مهما صغرت ويأخذ الاراء المختلفة من أبنائه ويقيمها معهم فينظر في ايجابيات وسلبيات كل رأي ويبين لهم منهجية التفكير في مثل هذه الأمور ويعترف بخطئه ان هو أخطأ ؟!! أن لم يحدث مثل هذا في أسرنا فكيف نرجوا أجيالا ذكية؟

أما التعليم فأذكر عندما كنت في المدرسة أن وجدت حصة للرسم وحصة للرياضة وبعض الدول توجد بها حصة للموسيقى لكن لم أجد حصة تعلمنا طرق التفكير وممارسة التفكير وحل المشكلات.

ازعم أن مناهج التعليم في أوطاننا لم تجعل من الطالب سوى متلق ٍ للمعلومات دونما نقد أو تفكير فيما يتلقاه ، هل تعمدت المناهج والحكومات العربية هذا الأمر تحت شعار ” اتبعني وأنت أعمى”.

ثم لننتقل لمستوى الدولة و المجتمع ونقول أي خير في مجتمع يستعذب الطرب والغناء ويجتمع عليه ويكره العلم والفكر ويبتعد عنه، أي خير في مجتمع يكرم الراقصات ويُسكنهن القصور ويضيق على المفكرين حتى يرميهم في القبور!! هل ينهض مجتمع اذا عاقب على الفكرة وتجاوز عن السكرة ؟؟

وما الذي يمكن رجاؤه من مجتمع يحكمه قادته تحت شعار ” لا أُريكم الا ما أرى ولا أهديكم الا سبيل الرشاد”.

التفكير ينمو والعقل يبدع في أجواء الحرية واحترام الانسان وعقله، فعندما يُكرم التفكير والمفكرون وتتاح أجواء الحرية لإطلاق ممكنات العقل عندها سيكون لأمتنا السبق والريادة، فلا يموت العقل الا في أرض العبودية وتحت سياط القمع و الارهاب.

تلك هي الأعمدة الثلاثة ، الأسرة والتعليم والدولة ، التي عليها يقوم التغيير لتحويلنا من مجتمعات مقلدة منبهرة بابداعات و “ذكاء” غيرنا من الشعوب الى مجتمعات ذكية تبدع وتبتكر كل جديد.

innovatuion change

المهندس أبوبكر الحضرمي

هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات