(1)
قبل ثلاثة أعوام من الآن سألت نفسي: لما سأكتب لغير الواجب المدرسي ؟
كان مجرد النظر إلى أيقونة ” إنشاء موضوع جديد ” فعل غريب .. جميعنا وقف للمرة الأولى سائلا نفسه: لماذا أكتب ؟
حقيقة هذا السؤال أقرب إلى ” لماذا أتحدث ” ؟
تختنق الكلمات حينما لا ترغب مشاركتها مع أحد .. تلك اللحظات التي تراجع فيها أحلامك بصمت وتحاور نفسك .. ثم تلتفت إلى من هم حولك لتتيقن من أن أحدهم لم يسمع شيئا . .
لا يمكنك أن تلقي كلمة أنت تعرف أن أحدهم لا يأبه لسماعها .. وبالمثل أنت لا تكتب عبارة حين تعلم أن أحدهم لن يقرأها !
(2)
إن من الطبيعة البشرية أن يتآلف الإنسان والمكان .. بإمكانك أن ترى ذلك من خلال مراجعة عدد المرات التي شتم أحدهم الزمان مقارنة بشتم المكان.
كل من يستوحش الزمان لا يمكنه أن ينكر أن وحشة المكان أشد وطأة ..
قد يتخذ الواحد منا شخصية وهمية ويأتي بـ ” معرف” مجهول .. قد يترك أخلاقه لكن لا يمكنه التجرد من طبيعته البشرية.
حتى في الشبكة العنكبوتية صار لنا مواطن نشتاق إليها.
(3)
المرة الأولى التي نقرت فيها على إنشاء موضوع جديد كانت مخجلة مليئة بالتردد .. في الحقيقة كانت سيئة.
جاء “نايف” ليقولها عن قصد أو دون قصد “أنت رائع” ! ثم إحدى الفاضلات “كانت قراءة ممتعة” ! وبعد ذلك “خالد” بتعبيره “عاصفة ضربت القسم” ..
كل هذه العبارات تنعش الذاكرة وتنشر عطر ذكرى جميلة على المكان الذي جمعنا ..
كل هذه الكلمات جعلت أصابعي أشد تحررا مع لوحة المفاتيح، أشد تحررا في طرح الفكرة .. إنها ترسخ قول فيكتور هيغو “حرروا الحرية والحرية تقوم بالباقي”.
(4)
“القرن القادم هو قرن الحركة”، هكذا كان وصف علماء الاجتماع لعالمنا المعاش، لذا فالثبات أشبه بالموت الدماغي ..
بات عالم اليوم بعيدا عن الروايات الكلاسيكية وأبعد مايكون عن القراءة المتأنية .. فشرارة شبّت في جسد أحدهم أدت لأكبر حريق تاريخي بالمنطقة.
(5)
التفاصيل العظيمة تخلق الإعجاب، والتفاصيل الصغيرة تخلق الحب؛ وما أجمل قسمات الدهشة المرتسمة على إيقاع الحب ..
خمس قصاصات عن قصاصة .. العالم الذي لا يمكنك تصور حجمه سيقرأ في سطر ..
العالم قبل خمسمائة سنة كان يقرأ في فصل صغير ..
ما حدث قبل ألفي سنة يُقرأ الآن في سطر ولا يلتفت الناس عادة إلى قراءته ..
خمس قصاصات قصيرة ..
أجمعها ..
فبعد ألف سنة من الآن لن تكون لنا سوى قصاصة واحدة.
هذه المواد من أرشيف محتوي موقع عشرينات